مع اقتراب الانتخابات الأميركية وعودة خطاب الحماية الاقتصادية الذي يتبناه دونالد ترامب، تعود المخاوف مجددًا في أوروبا من تصاعد النزعة الحمائية وفرض رسوم جديدة على الواردات من القارة العجوز. وتعد إيطاليا من أكثر الدول الأوروبية المعرضة للتأثر بهذه السياسات، ليس فقط بسبب صادراتها الزراعية والغذائية، بل أيضًا لصادراتها الصناعية الفاخرة، وعلى رأسها السيارات والأزياء.
في هذا المقال، نسلّط الضوء على تداعيات رسوم ترامب الجمركية على الاقتصاد الإيطالي، وتأثيرها المحتمل على قطاعات حيوية مثل الأجبان الفاخرة، السيارات الرياضية، والموضة.
🧀 الأجبان الإيطالية: الهدف الأول في قطاع الأغذية
من “البارميزان” إلى “الغورغونزولا”، تُعتبر الأجبان الإيطالية رمزًا عالميًا للجودة والذوق الرفيع. في عام 2024، بلغت صادرات إيطاليا من الأجبان إلى الولايات المتحدة حوالي 350 مليون يورو، لتُصبح السوق الأميركية ثاني أكبر مستورد بعد ألمانيا.
في حال تطبيق رسوم جمركية بنسبة 25–35% كما يُروّج ترامب:
- 🛑 سترتفع الأسعار على المستهلك الأميركي بشكل كبير
- 📉 ستتراجع المبيعات بنسبة قد تصل إلى 40%
- 🏭 سيؤثر ذلك مباشرة على عشرات الآلاف من المزارعين والمنتجين الصغار في شمال إيطاليا
🚗 السيارات الإيطالية: في مرمى التوترات التجارية
السيارات الإيطالية ليست مجرد وسيلة نقل، بل هي تعبير عن الفن والهندسة والجاذبية. شركات مثل فيراري، مازيراتي، ولامبورغيني تمثّل قمة الفخامة والابتكار.
وتُصدر هذه الشركات مئات الملايين من الدولارات سنويًا إلى الولايات المتحدة، وهي أكبر سوق خارجية لها. لكن خطط ترامب لفرض رسوم تصل إلى 100% على السيارات الأوروبية من أجل دعم الصناعة الأميركية تمثل تهديدًا مباشرًا.
التداعيات المحتملة:
- 📉 انخفاض مبيعات السيارات الفاخرة بنسبة تتراوح بين 30 و50%
- 💸 خسارة عشرات آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة
- 🔁 تحوّل في سلوك المشترين الأميركيين نحو بدائل ألمانية أو يابانية غير مشمولة بنفس الرسوم
👗 قطاع الأزياء والمنتجات الجلدية: صدمة في سوق مهمة
الولايات المتحدة تستورد سنويًا منتجات إيطالية فاخرة من الملابس، الحقائب، الأحذية، والعطور. ماركات مثل غوتشي، برادا، أرماني، وفندي تعتمد بشدة على السوق الأميركية.
فرض رسوم جمركية بنسبة 20–30% سيؤدي إلى:
- 📉 تقليص الطلب على المنتجات الفاخرة ذات السعر المرتفع
- 📊 انخفاض العائدات من السوق الأميركية بنسبة قد تتجاوز 25%
- 🏬 تقليص عدد المتاجر والمعارض في الولايات الأميركية الكبرى
🇮🇹 موقف الحكومة الإيطالية: بين بروكسل وواشنطن
رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، أعربت عن “قلقها البالغ” من التصريحات التجارية الصادرة عن ترامب، مؤكدة أن “إيطاليا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تهديد مباشر لاقتصادها التصديري”.
بالتوازي، تتحرك إيطاليا على عدة محاور:
- 🤝 تنسيق مع المفوضية الأوروبية لرد موحد يشمل جميع دول الاتحاد
- 📢 حملة دبلوماسية لتخفيف حدة الإجراءات المرتقبة
- 📦 دراسة خطط لتوسيع التصدير إلى آسيا والشرق الأوسط كبديل استراتيجي
📊 التأثير الكلي على الاقتصاد الإيطالي
تُشكّل الصادرات إلى الولايات المتحدة نحو 10% من إجمالي الصادرات الإيطالية خارج الاتحاد الأوروبي، وتبلغ قيمتها حوالي 25 مليار يورو سنويًا. تشمل هذه الصادرات:
- المنتجات الغذائية والزراعية
- المركبات والسيارات الرياضية
- الأزياء والعطور
وفي حال فرض الرسوم، تتوقع وزارة الاقتصاد الإيطالية:
- 📉 خسائر فورية تتراوح بين 3–4 مليارات يورو
- 📈 ارتفاع البطالة في القطاعات المتأثرة بنسبة 6%
- 📉 تباطؤ في معدل النمو السنوي بنحو 0.4%
⚖️ الرأي العام الإيطالي: هل تتصاعد القومية الاقتصادية؟
أثارت التهديدات الأميركية جدلًا واسعًا داخل إيطاليا، حيث بدأت بعض الأصوات تنادي بسياسة حمائية مضادة، خاصة من أحزاب اليمين المتشدد.
في المقابل، تدعو قوى الوسط واليسار إلى التهدئة والتركيز على التعاون عبر الاتحاد الأوروبي، وعدم الانجرار إلى حرب تجارية قد تكون نتائجها كارثية على الجميع.
🔚 خلاصة
تمثّل رسوم ترامب الجمركية تهديدًا مباشرًا للصناعات الإيطالية التي تعوّل على الأسواق العالمية، وعلى رأسها الولايات المتحدة. وفي ظل احتمال عودة ترامب إلى السلطة، تستعد روما وبروكسل لأسوأ السيناريوهات، بينما تبقى القطاعات المتخصصة مثل الجبن، السيارات الفاخرة، والموضة، في موقع هش للغاية.
📍 تابعونا في المقال القادم: تأثير الرسوم على فرنسا وصادراتها من الطائرات والنبيذ والأجبان
