في خضم التصعيد السياسي والتجاري المتوقع مع اقتراب انتخابات الرئاسة الأمريكية، تعود إلى الواجهة خطط دونالد ترامب لفرض رسوم جمركية على البضائع المستوردة، خاصة من أوروبا. وفي قلب هذه المعركة، تبرز إسبانيا كإحدى الدول التي قد تتعرض لضربة اقتصادية موجعة، نظرًا لاعتمادها الكبير على الصادرات الزراعية والصناعية نحو السوق الأميركية.
في هذا التقرير، نحلل كيف يمكن لهذه الرسوم الجمركية الأمريكية أن تؤثر على قطاعات حيوية في الاقتصاد الإسباني، من الزيتون وزيت الزيتون إلى السيارات الكهربائية والسياحة الاستثمارية.
📊 لمحة عن التبادل التجاري بين إسبانيا والولايات المتحدة
بلغت قيمة الصادرات الإسبانية إلى الولايات المتحدة في 2024 نحو 21 مليار يورو، وفقًا لبيانات وزارة التجارة الإسبانية، وتشمل:
- 🫒 منتجات زراعية: زيت الزيتون، الزيتون الأسود والأخضر، اللوز، والنبيذ
- 🚗 سيارات كهربائية ومكونات السيارات
- 🍷 المشروبات الكحولية والمنتجات الغذائية الفاخرة
- ⚙️ المعدات الصناعية والإلكترونية
وقد تضررت إسبانيا سابقًا في 2019 عندما فرضت إدارة ترامب رسومًا على زيت الزيتون والنبيذ، ما أدى إلى خسائر قدرت بـ200 مليون يورو في سنة واحدة.
🫒 الزراعة في مرمى النار
إسبانيا هي أكبر مصدر لزيت الزيتون في العالم، وتُعتبر الولايات المتحدة من أكبر أسواقها خارج الاتحاد الأوروبي. وبحسب اتحاد المزارعين الإسبان ASAJA، فإن أي رسوم جديدة على زيت الزيتون أو الزيتون المعلب قد:
- تخفض الصادرات بنسبة تصل إلى 60%
- تتسبب في فائض في الإنتاج داخل البلاد
- تؤدي إلى انخفاض الأسعار محليًا بنسبة 30%
- تهدد سبل عيش آلاف العائلات في الأندلس وإكستريمادورا
كما حذر منتجو النبيذ من أن الرسوم الجمركية الأمريكية قد تكون “قاضية” لصغار المنتجين الذين لا يستطيعون تحمل انخفاض المبيعات المفاجئ أو كلفة التخزين المرتفعة.
🚗 السيارات: مصنع نافارا مهدد؟
إسبانيا هي ثاني أكبر مصنع للسيارات في أوروبا بعد ألمانيا، وتنتج سيارات لشركات كبرى مثل فولكسفاغن وستيلانتس. في الآونة الأخيرة، بدأت مصانع مثل نافارا وفيغو بإنتاج سيارات كهربائية موجهة للتصدير إلى الولايات المتحدة.
لكن في حال فرضت إدارة ترامب رسومًا جمركية بنسبة 35% أو أكثر على واردات السيارات من أوروبا، فإن هذه المصانع قد تواجه:
- انخفاض في الطلب الأميركي
- تقليص أو إغلاق خطوط الإنتاج الموجهة لأميركا
- خسارة آلاف الوظائف
- إحباط خطط التحول الأخضر ومشاريع التمويل الأوروبية المشتركة
🏖️ السياحة والعقارات: خسائر غير مباشرة
رغم أن السياحة لا تُفرض عليها رسوم جمركية، إلا أن خبراء الاقتصاد يتوقعون أن تؤثر الأزمة التجارية على استثمارات الأميركيين في العقارات الإسبانية وعلى تدفق السياح.
وبحسب تقرير صادر عن Exceltur (الاتحاد الإسباني لشركات السياحة)، فإن “توتر العلاقات بين أوروبا وأميركا، وتدهور سعر اليورو، قد يقلل من ثقة المستثمرين الأميركيين في السوق الإسباني، خصوصًا في مناطق مثل كوستا ديل سول وبرشلونة“.
📣 ردود الفعل في مدريد: قلق متزايد وتحركات أوروبية
رئيس الوزراء <strongبيدرو سانشيز وصف الإجراءات الجمركية المتوقعة بأنها “غير عادلة وغير منطقية”، وأكد أن “إسبانيا ستتحرك ضمن الاتحاد الأوروبي للدفاع عن مصالحها الاقتصادية”.
وزارة التجارة الإسبانية بدأت فعليًا دراسة خطط بديلة لفتح أسواق جديدة في آسيا وأميركا الجنوبية. كما يدرس البنك المركزي تأثيرات محتملة على الناتج المحلي الإجمالي قد تصل إلى -0.5% سنويًا إذا استمرت الرسوم لعامين متتاليين.
🔄 هل يمكن تعويض السوق الأميركي؟
يحذر الاقتصادي خوسيه كارمونا من أن “الولايات المتحدة لا يمكن استبدالها بسهولة، لا من حيث حجم السوق ولا من حيث القيمة الشرائية”. ويضيف: “المشكلة أن المنتجات الإسبانية تنافس على الجودة وليس على السعر، ما يجعلها أكثر حساسية أمام الرسوم الجمركية”.
وتقول الغرفة التجارية الإسبانية إن محاولات فتح أسواق بديلة مثل الهند والبرازيل لا تزال في مراحلها الأولية، وقد تستغرق سنوات لتعود بالنفع.
🔚 خلاصة: السيناريو الأسوأ يحتاج استباقًا ذكيًا
رسوم ترامب الجمركية لا تشكل فقط تحديًا للقدرة التنافسية للمنتجات الإسبانية، بل تهدد بنية اقتصادية كاملة تعتمد على التصدير والزراعة والتكنولوجيا المتقدمة. وإذا لم يتم التوصل إلى تسوية أو تنسيق أوروبي شامل، فإن الاقتصاد الإسباني سيجد نفسه أمام أزمة متعددة الأبعاد.
📍 في المقال التالي، سنغطي تداعيات رسوم ترامب الجمركية على فرنسا، وما تعنيه هذه التغيرات لصادرات الأجبان والعطور والطائرات الأوروبية.
