رسوم ترامب الجمركية تهدد الاقتصاد الفرنسي: هل ينهار التوازن التجاري؟

في ضوء التصريحات الأخيرة للمرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب بشأن فرض رسوم جمركية شاملة على الواردات الأوروبية، تعيش فرنسا حالة من القلق الاقتصادي المتصاعد. ومع أن الأنظار تتجه غالبًا إلى ألمانيا، فإن فرنسا ليست بمنأى عن العاصفة، خاصة وأنها تعتمد على التصدير إلى الولايات المتحدة في قطاعات استراتيجية مثل الطيران، مستحضرات التجميل، المنتجات الزراعية، والنبيذ.
في هذا المقال، نستعرض كيف ستؤثر رسوم ترامب الجمركية على الاقتصاد الفرنسي، ونرصد تحليلات مراكز الدراسات، وردود الأفعال السياسية، وتأثير ذلك على مستقبل التجارة الفرنسية–الأميركية.
📌 ما الذي أعلنه ترامب؟
خلال سلسلة من الخطابات الأخيرة، كشف ترامب عن خططه لتطبيق رسوم جمركية تصل إلى 60% على الواردات الأوروبية، موجهًا أصابع الاتهام نحو دول مثل فرنسا التي “تستفيد من السوق الأميركية دون تقديم تنازلات عادلة”، على حد تعبيره. وتضمنت تصريحاته تهديدات مباشرة لقطاعات مثل الصناعات الغذائية والنقل والطيران، معتبرًا أنها “غير منصفة للمصنّعين الأميركيين”.
🇫🇷 الصادرات الفرنسية المتأثرة: أرقام وحقائق
تشير بيانات وزارة المالية الفرنسية إلى أن الولايات المتحدة تمثل ثاني أكبر شريك تجاري لفرنسا بعد ألمانيا، بإجمالي صادرات بلغ أكثر من 53 مليار يورو في 2024. وتشمل أبرز الصادرات:
- ✈️ الطائرات والمكونات الجوية (بقيادة إيرباص)
- 🍷 النبيذ والمشروبات الروحية
- 💄 مستحضرات التجميل والعطور (ديور، شانيل، لوريال)
- 🧀 الأجبان والمنتجات الزراعية
- 🔬 الأجهزة الطبية والتكنولوجية الدقيقة
وتحذّر غرفة التجارة الفرنسية-الأميركية من أن فرض رسوم تصل إلى 40–60% على هذه المنتجات قد يؤدي إلى انخفاض الصادرات بنسبة تتجاوز 30% في العام الأول وحده.
⚠️ التداعيات الاقتصادية المباشرة
✈️ قطاع الطيران:
شركة إيرباص ستكون من أبرز المتضررين، إذ إن السوق الأميركية تشكل حصة كبيرة من طلبات الطائرات والمكونات الجوية. وقد تواجه منافسة أشد من منافستها الأميركية بوينغ، مما يدفع إلى تسريح مئات الموظفين في مصانع تولوز ونانت.
🍷 قطاع النبيذ والمشروبات:
فرض رسوم جمركية جديدة على النبيذ الفرنسي، كما حصل سابقًا خلال خلافات التبادل الرقمي، قد يؤدي إلى انخفاض الطلب الأميركي، وركود في المبيعات بنسبة تصل إلى 40%. بعض المزارعين في بوردو وكونياك وصفوا الوضع بـ”الكارثي”.
💄 مستحضرات التجميل:
تُعد شركات مثل لوريال وديور من كبار المصدّرين، ويُتوقع أن تراجع هامش أرباحهم بشدة بسبب الرسوم، أو اضطرارهم لرفع الأسعار في السوق الأميركية، مما قد يقلل من جاذبيتهم أمام المنافسين من كوريا والولايات المتحدة.
🗣️ ردود الفعل السياسية والاقتصادية في باريس
أكدت وزيرة الاقتصاد برونو لو مير أن “فرنسا لن تبقى مكتوفة الأيدي”، داعية إلى رد أوروبي جماعي ومنسق، ووصفت تصريحات ترامب بأنها “تراجع عن روح التعاون بين الحلفاء”.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال إن “سياسة الحواجز الجمركية ستؤدي إلى انكماش عالمي، وفرنسا ستدافع عن مصالحها وشركائها الأوروبيين بكل الوسائل القانونية والتجارية”.
🤝 الاتحاد الأوروبي يحشد صفوفه
باريس بالتنسيق مع بروكسل طالبت بعقد جلسة طارئة في البرلمان الأوروبي لبحث تداعيات هذه الخطوة. وقد أكد مفوض التجارة الأوروبي فالديز دومبروفسكيس أن الاتحاد سيرد على أي رسوم جمركية بشكل “حازم ومتناسب”.
📉 تحليلات الخبراء: الاقتصاد الفرنسي تحت الضغط
وفق تقرير صادر عن معهد مونتين للأبحاث الاقتصادية، فإن رسوم ترامب الجمركية قد تكلف الاقتصاد الفرنسي أكثر من 12 مليار يورو سنويًا، وتؤدي إلى فقدان أكثر من 80 ألف وظيفة في قطاعات التصدير خلال ثلاث سنوات.
ويرى الخبير الاقتصادي باتريك آرتوس أن “فرنسا تعاني أصلًا من هشاشة في ميزانها التجاري، وهذه الضربة تأتي في وقت حرج للغاية، في ظل التباطؤ الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي”.
🔮 ماذا بعد؟ هل تتحول فرنسا إلى أسواق بديلة؟
بدأت بعض الشركات الفرنسية في استكشاف بدائل عن السوق الأميركية، مثل الصين، الهند، ودول الخليج. لكن الخبراء يشيرون إلى أن إعادة التمركز التجاري تحتاج إلى سنوات، ولن تعوّض بالكامل الخسائر المحتملة من السوق الأميركية.
📌 الخلاصة: باريس في حالة تأهب اقتصادي
بينما يستمر ترامب في تصعيد خطابه الحمائي، تجد فرنسا نفسها أمام تهديد حقيقي لنموها الاقتصادي واستقرارها التجاري. ويبقى الرهان على قدرة الاتحاد الأوروبي في الصمود الجماعي، أو أن تلجأ باريس إلى مفاوضات ثنائية مع واشنطن لحماية قطاعاتها الحساسة.
📍 تابعونا في المقال القادم حيث نسلط الضوء على تأثير رسوم ترامب الجمركية على الاقتصاد الإيطالي، أحد أكبر المصنعين الزراعيين والغذائيين في أوروبا.